الخلبطيشن

القفز على الاختصاصات؛ وتغييب التخصصات؛ يورث إلى تبادل الأدوار؛ وخلط الأوراق؛ فتجد الأم تؤدي دور الأب وقد يكون العكس؛ ويتقمص الأب أو الأم دوره المهني داخل البيت لا الدور الاجتماعي الموكل إليه لذاته لا لصفته؛. وكذلك الابن المميز يمارس الرعاية والولاية على من أكبر منه سناً من شقيقاته؛ ومآلات ذلك وخيمة على مؤسسة الأسرة.
وقد يتحول الموظف إلى مسؤول لجرأته لاتخاذ القرارات وإلمامه بالواجبات والمهام في حين يتحول المسؤول إلى موظف ضعيف لممارسته التفحيط الإداري؛ وما يرتب على ذلك من فجوة في الأداء. 
وقد يتحول الإعلامي إلى محلل سياسي والناشط السياسي إلى ناشط اجتماعي. والمحلل العسكري إلى داعية؛ ويتحول المحلل الأمني إلى رجل دين والعكس أيضاً؛ وعواقب ذلك سلبية على الحق في الحصول على المعلومات. 
ويزداد ويتفاقم خلط الأدوار في حالة النوازل والظروف الاستثنائية وحالة القوة القاهرة في زمن الثورات والحروب والأزمات الطبيعية كالفيضانات والزلازل. خصوصاً في أروقة الإعلام المفتوح والتعاطي في الشأن العام. حيث تتضارب المعلومات وتتعارض الأقوال ويكثر اللغط وتعم الفوضى.
وكان لزاماً من ضبط إيقاع اختصاص كل تخصص في الموقع الاجتماعي أو العلمي أو الأكاديمي المتعلق بالوظيفة الاجتماعية أو المهنية أو الحدث.
فمثلاً الإعلامي عليه نقل الحدث؛ يتولاه المحلل السياسي لسبر أغوار أبعاده السياسية ومسبباته ونتائجه؛ ثم يتولى الناشط السياسي كيف يتعامل الشارع ومؤسسات المجتمع المدني مع هذا الحدث ومدى تأثيره؛ ولا غرو فتلك نازلة تحتاج إلى فتوى من عالم أو شيخ ثم قد يكون للخبر بُعد عسكري أو أمني يحتاج لتجلياته؛ وقد يؤول هذا الخبر إلى عواقب اقتصادية تحتاج إلى رجل متخصص في الاقتصاد يجلي ذلك للعامة والخاصة. وقد يكون للحدث أبعاد نفسية أو اجتماعية تحتاج لمتخصصين يدلون بدلوهم في مجال فنونهم وبالتالي يكتمل مشهد الخبر أو الحدث. 
ومن المضحك المبكي تحولت مجموعات الواتس آب ومواقع السوشل ميديا في وقت النوازل إلى غرف أخبار ومحللين سياسيين واستراتيجيين وعسكريين وأمنيين واقتصاديين وشرعيين ونفسيين واجتماعيين؛ وهذا ما يسبب بلبلة في التعاطي مع الواقع وخلط في التعاطي بالشأن العام. لأن معظم هؤلاء يتحدثون على القمة التي تظهر من جبل الثلج دون النظر في عمق هذا الجبل وجذوره الممتدة والتي تخفى عن المراهقين في دنيا السياسة. وأحداث مفصلية في التاريخ المعاصر هي خير دليل.

تغريدة:
«اعطِ الخباز خبزه ولو أكل نصفه»

 @maffatih