الأربعاء 15 جمادى الأولى / 29 نوفمبر 2023
 / 
06:21 م بتوقيت الدوحة

الحياد خيانة.. فاختر ولا تكن محايداً

سهلة آل سعد
الحياد خيانة.
حين تغدو الأخلاق على المحك، والقيم على المحك، والدين على المحك.. فالحياد خيانة.
حين تكثر المتشابهات، وتكثر المغريات، وتكثر المثبطات، وتكثر المفسدات.. فالحياد خيانة.
حين يكون المستهدف فكر ومعتقدات وتوجهات وسلوكيات جيل كامل.. فالحياد خيانة.
خيانة لأمتك ولدينك ولنفسك ولمجتمعك ولتكليفك.
حين تعمّ الفوضى من حولك ولا تعد تفهم شيئاً، وتخشى على نفسك وأهلك ومجتمعك من مغبة التحلل التدريجي والانفصال التدريجي عن كل ما تعلم بصحته، عليك أن تتحرك ولا تجمد.. وأن تختار ولا تكن محايداً.
عليك أن تنضم لأحد الفريقين، وأن تعمل لا أن تكتفي بالمشاهدة، وأول العمل العمل على النفس وإصلاح النفس لتكون قدوة للآخرين.
ولا يُقبل أن تنضم لفريق وتعمل بما يخالفه ويوافق معاكسيه.. فذلك يسمى تناقضاً في وصفه المخفف، وغير ذلك في وصف أثقل.
ولا يقبل أن تنضم لفريق ولا تعمل إطلاقاً، لا بما يوافقه ولا بما يعارضه، فذلك حياد، والحياد في الأزمات العظمى يعد خيانة.
عليك أن تحدد من أنت، وفي أي مكان، ومع أي فريق..
إن كنت في جانب القيم أَثبت ذلك، فالوقت ليس وقت حياد.
وإن كنت في جانب الحفاظ على أخلاق الدين وأخلاقياته أَثبت ذلك، واثبت على ذلك، واسعَ لتثبيت غيرك، فالوقت ليس وقت تأرجح ولا تلاعب.
وإن كنت من الضعفاء قليلي الحيلة قدّم ما استطعت ولو لنفسك.. ولو بقلبك، ولكن لا تكن موافقاً لما لا تصلح الموافقة عليه من كل أبواب وأصناف المرفوض.
اعمل ما يثقل صحيفتك وُيعذرك يوم الميعاد.
واعمل ما يجعلك في قارب المصلحين الناجين من العباد.
واعمل ما تنفع به أمتك وتبنيها وتثبت لها به الأوتاد.
فبقدر خطأ الغلو والمغالاة والتطرف في أوقات الثبات، بقدر خطأ الحياد والانهزام في أوقات الفتن والأزمات.. كلاهما هادم، وكلاهما خادم، لما لا ينبغي خدمته من توجهات ومسالك.
الوقت وقت عمل، والوقت وقت اختيار، والوقت وقت ثبات، والوقت وقت إثبات.
فكن من الثابتين العاملين بما يوافق الحق والصواب والدين، كن من البانين لا الهادمين، المصلحين لا الصالحين (فحسب)، المنتجين لا الجامدين.. الواضحين لا المحايدين.. القدوات لا المنقادين.. ولا تكن محايداً بأي حال.. فالحياد خيانة حين تستغيثك الأخلاق ويحتاجك الدين.
المقولة الشهيرة تقول:
حين يكون المستهدف «وطناً».. يصبح الحياد «خيانة» والصمت «تواطئاً»..
الأخلاق وطن الشرفاء، سياجها الدين، وبوابتها التحرز من التهاون.. فحافظوا ولا تكونوا محايدين.